Wednesday, January 14, 2009

نيران صديقة

كتب فهمي هويدي في مقاله بصحيفة الرؤية الكويتية
بكل احتشام وأدب مهني جم نشرت «الأهرام» على صفحتها الأولى أن ضابطين من قوات الأمن المركزي المصرية المرابطة على الحدود مع قطاع غزة أصابتهما شظايا القصف الصاروخي المكثف الذي استهدف الشريط الحدودي، كما أن القصف أصاب طفلين مصريين أحدهما عمره سنتان والأخر خمس سنوات، وأدى إلى تصدع وتهديم بعض المنازل في رفح المصرية، وذكر الخبر المنشور إن الضربات استهدفت أنفاقاً على بعد 400 متر على الحدود المصرية. المعلومات التي أوردها خبر «الأهرام» تجاهلت تفاصيل أخرى، منها مثلاً أن الشظايا الإسرائيلية أصابت الضابطين المصريين إصابات خطيرة في الرأس والظهر، وأن الطائرات الإسرائيلية في غاراتها اخترقت المجال الجوي المصري مرات عديدة. كما ذكرت وكالة "رويترز" ومحطة "سي.ان.ان" ، وأن المتحدث باسم وزارة الحربية الإسرائيلية رفض التعليق على هذه المعلومات. لا أعرف إن كان تجاهل تلك المعلومات تم بسبب السهو أو العمد، لكن الشاهد أن صياغة «الأهرام» وكذلك بقية الصحف القومية بدت شديدة الهدوء، وكان واضحاً فيها إنها حرصت على الإيحاء بأن إصابة الضابطين والطفلين كانت على سبيل الخطأ وليس العمد، وذهبت إلى أبعد حيث حاولت تغطية ما جرى وتبريره، حيث ذكرت أن عملية القصف الإسرائيلي استهدفت أنفاقا على بعد 400 متر من الحدود المصرية. وهو ما يعطي انطباعاً بأن الطائرات الإسرائيلية لم تخترق المجال الجوي ولم تعتد على السيادة المصرية، رغم أن وكالة «رويترز» نقلت عن شهود في رفح المصرية أنهم شاهدوا بأعينهم الطائرات الإسرائيلية التي كانت تطير فوق بيوتهم على ارتفاع منخفض، وذكرت أن هؤلاء الأشخاص طلبوا عدم ذكر أسمائهم حتى لا يتعرضون لبطش أجهزة الأمن المصرية. إذا قارنت الكيفية التي عولج بها الحدث في الإعلام المصري بالطريقة التي قدم بها خبر مقتل ضابط الشرطة الشهيد الرائد ياسر فريج أثناء محاولة بعض الفلسطينيين عبور الحدود المصرية، فسوف ترى عجباً، إذ ستلاحظ على الفور إن التوجيه الإعلامي حرص على تهدئة المشاعر للغاية في حالة القصف الإسرائيلي الذي أدى إلى إصابة الضابطين والطفلين المصريين، في حين عمد إلى الإثارة والتحريض في حادث مقتل الضابط المصري، إذ ربما تذكر أن قتل الضابط تم على سبيل الخطأ، أثناء عبور بعض الفلسطينيين للحدود وتبادل بعضهم إطلاق النار مع عناصر الشرطة المصرية، ما أدى إلى قتل واحد منهم وإصابة عشرة. وهي التفاصيل التي أثبت ورودها في أول نشر للخبر، كما أثبت الكيفية التي تدخل بها التوجيه الأمني بسرعة، بحيث عمم على وسائل الإعلام المصرية صياغة مختلفة تماما سممت الخبر، وكان واضحا فيها الحرص على إثارة الرأي العام وتأجيج مشاعر المصريين ضد حركة حماس تحديداً. فالفلسطينيون الذين تبادلوا إطلاق النار مع الشرطة المصرية لم يعودوا فلسطينيين عاديين، ولكنهم تحولوا في الصياغة المستجدة إلى كوادر من حماس، جاؤوا ملثمين، بتعليمات من قيادة حماس، وترصدوا الضابط وقتلوه عمدا بدم بارد، وأرادوا بذلك إثارة الفوضى على الحدود، ولم تشر الصياغة الأمنية إلى قتل الشاب الفلسطيني ولا إلى إصابة زملائه العشرة، أثناء الاشتباك الذي حدث، لكي لا يُفهم أن قتل الضابط تم أثناء تبادل لإطلاق النيران بين الجانبين. لا يحتاج المرء إلى جهد لكي يدرك ان الرفق الشديد مقصود في عرض خبر القصف الإسرائيلي، على نحو أدى إلى حد غض الطرف عن الاعتداء على السيادة المصرية، والتأكيد على الخطأ في الموضوع مع تبريره واغتفاره، بالقدر ذاته فإن تعمد الدس والكيد والإثارة ضد حماس كان واضحا في تلويث خبر اشتباك مجموعة الفلسطينيين مع شرطة الحدود المصرية. ولا تفسير لذلك سوى أن القائمين على اللعب في الأخبار اعتبروا أن ما صدر عن إسرائيل كان قصفا لنيران صديقة، إما الفلسطينيون وحماس بالذات فلهم شأن آخر، اترك لك أن تختار الوصف المناسب له، بحريتك وعلى مسؤوليتك
مقالات الأستاذ فهمي هويدي شديدة التألق هذه الأيام!! و من أهم مميزاتها أنها معتدلة للغاية و تجبر الجميع على قرائتها، حتى و لو اختلفوا معه في الرأي، لما يتميز به من عقلانية شديدة و سداد رأي و لما يتمتع به من احترام لدى الجميع

4 comments:

Unknown said...

السلام عليكم ورحمة
الله تعالى وبركاته
صحافتنا الرسمية
منحازة للغاية
ومؤتمره بأوامر
القيادةالسياسية
يعنى اللى حتقرئيه فى الاهرام هو هو بالحرف والملّى فى الاخبار او الجمهورية والانحياز ل(النيران الصديقة)ماهو الا جزء من الانحياز العام(للصديق )برضة
لكن حماس وغزة (عدو وعدو لدود) كمان
اقولك ايه حسبنا الله ونعم الوكيل .اللى بيزعل الواحد مش
بس كده لكن انك تلاقى ناس عاديين بيرددوا الاخبار دى وبيقولولك (لو دخل الفلسطنين حيكلونا صاحيين !!)تتناقشى معاهم مفيش فايدة مخهم هو هو .مش بقولك حسبنا الله ونعم الوكيل

Unknown said...

اه ونسيت اقولك كمان أن الاستاذ فهمى بقى له اسبوعين او اكتر مقاله الاسبوعى فى الاهرام (كل يوم ثلاثاء)ما بيطلع العلم عند الله ممنوع من الكلام هنا ولا هو اللى مش عايز يكتب فى الاهرام لان الاومر بالحذف او التخفيف من الكلام
لا ترضيه لانه كاتب حر فعلا!

Ola said...

norhaty,
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
هي دي المشكلة الحقيقية: الناس مصدقة كل اللي بيتقال و مفيش فايدة من الجدال مع أي حد فيهم!! و الله حاجة تحزن! مش المهم ان حد يضحك على حد بس المهم ان اللي بيضحك عليه يكون عارف. آهههههههههههههههههههههه، حسبنا الله و نعم الوكيل

خيرالدين said...

للاسف هناك من هاجموا فهمى هويدى فى الايام الماضيه بسبب هذه المقالات ورأى انه يجرى وراء اموال ايران وقطر
...
ربنا رزقنا فى مصر بعقول تغض الطرف حتى عن الحقائق الظاهره كعين الشمس
...
هيكل وفهمى هويدى وأكثر من مفكر مصرى أشاروا لان أخطاء النظام المصرى أثناء العدوان بعيدا حتى عن تقاعسها عن مساعدة اهل غزه كانت كبيره جدا
اولا معاداة انظمه كثيره بدون اى اسباب حقيقيه مثل ايران وسوريا وتركيا وخطب ود اسرائيل
ثانيا دور الدبلوماسيه المصريه والسيد ابو الغيط ربنا يشفيه
طبعا غير الاعلام الرائد اللى اكتشف فجأه ان فه عدون مع اول خطاب لمبارك
لدرجه اننا رجعنا لنفس نبره احنا عملنا وعملنا والتضحيات والبطولات